قصة كردية معاصرة
إيقاد بخور الخلود
قصة: كازيوه صالح
ترجمة:أحلام منصور و محمد أمين أحمد
فتاة كثيرة الحركة مليئة بالنشاط والحيوية والأنوثة . وخبيرة باللغة الإنكليزية . تتحدث بها بطلاقة غير معهودة ..فمنذ اجتياح المنظمات الأجنبية لكل الزوايا والحقايا بل لكل بقعة ولكل بشر من هذه الأرض , حتى غدوا نقوشاً فوق أرواب النوم ...
إنها الآن تعمل في إحدى تلك المنظمات التي إرتبطت بها وبلغتها لدرجة باتت تتحدث مع والدتها التي كانت معرفتها باللغة الإنكليزية ضئيلة ، عدا بعض الكلمات التي قد حفظتها عندما كانت تلميذة في السادس الإبتدائي .. ولم يبق في ذاكرتها سوى بعض كلمات منها ..
لذا فإنها كانت تتأفف وتتحسر بعمق , وتحرك بين آونة وأخرى رأسها الملي بالتخيلات والمعاناة ، مسلمة إياها للصمت . ولم تكن تعرف كم من الوقت ستحتاجه إذا توجهت هي الأخرى إلي المنظمة . وتترك هي بدورها البيت تلحق بها . ومتى؟! في حين أن تلك المرآة قد جعلت ثقباً في الجدار السياجي تترقبهن بإحدى عينها من خلال تطلعها من ذلك الثقب أو من فرجتها وهى مولعة بمراقبة الآخرين !! بالإضافة إلي كونها مهذارة وسليطة , فإنها تحاول دائما تتبع أخبار الزقاق والمحال ، إصطيادها أخبار الشخصيات والأحزاب السياسية . ولم تقف عند هذا الحد، بل كانت تتجاوز ذلك باحثة عن أخبار الأزقة الأخرى المجاورة . حتى أنها تكاد تعرف ما في تلك الأكياس المحمولة من قبل الأفراد بالمحال .وكان تعرف كم الفواكه والأشياء الأخرى الموجودة فيها !! إضافة إلي معرفتها بتفاصيل أمور أخرى . فهي تقف على كل كبيرة وصغيرة ..إذ كانت هذه الصفة هي من الصفات المنتشرة بين النساء اللواتي كن يحاولن أن يلبسن الملابس الغربية , ويقلدن أخلاقهن وحتى سلوكهن .. غير إن الشكوى وعدم الرضى والإستهجان كان بادياً على ملامح الجميع ! وكانت المرأة المسماة بسيدة وكالات الأنباء فأنها بدلاً من تحية الصباح تسأل إلى أين تذهبون ؟! خيراً … في هذا الصباح الباكر؟!!
أما هي فكانت متذمرة ومستاءة جداً من ذلك البرنامج الصباحي المصاغ , لذا كثيراً ما كانت تقول :
- بأني سأعلق على صدري شارة ، لا .. بل شعاراً وسأكتب علية :
( إننى ذاهبة إلى مقر عملي ) كي لا تكرر هي الأخرى أسئلتها المملة المعتادة ... في ذلك الصباح المتميز عن باقي الصباحات الأخرى , وفى البداية نظرت إليها نظرة مليئة بالريب والشكوك . ثم تساءلت :
- يبدو أن الوالدة أيضا قد تعينت هي الأخرى . ولهذا تترك البيت بعدك .أليس كذلك ؟! فبالرغم من أن هذه العبارة قد جعلتها في حيرة من أمرها مما اضطرها أن تقول لنفسها:
( نعيش بسذاجة ونموت برهبانية )
ولكن لم يكن لحديثها أى تأثير بعد على مجمل ذلك الحب الذي قد يترك لديها أي شك في ممارسته ,. لأنها كانت في بطن أمها ، لما قتل أبوها في إحدى المعارك .. وكانت أمها منذ ذلك الحين قد عرفت بأرملة عفيفة طاهرة ، ذات سمعة حسنة وبها اشتهرت بين الناس .فهي تفهم وتعي مقصد كل من حاول أن يقترب منها أو يطلب يدها للزواج بها . أجل إنها تفهم مغزى مايقال ويوجه لها .. لذا قالت:
-(عشت لواحد وموت لواحد ) .. ( لقد عشت لذلك الشخص ولأجله أموت )..
قليلاً ما كانت تهتم بتلك الأقوال والمقولات التي كانت تحاك من قبل أناس جهلة . لذا لم تكن تهتم بها إطلاقاً لكونها مقولات زائفة ، أولاً : لأن تلك المرأة لم تكن موضع ثقة . ثانياً : هي نفسها كانت تداوم من الساعة الثامنة والنصف صباحا حتى السادسة مساءاً . ولأنها كانت مصدراً للإطمئنان لكونها تبقى في المنظمة طيلة تلك الفترة . وقليلاً ما كانت تهتم بمحتويات البيت ، كما لم تكن مهتمة بالأثاثات المنزلية .. لذلك وجدت نفسها خارج تلك الأطر …
غير أنها أحست بأن والدتها تعنى بها أكثر من ذي قبل وتراقبها وتحاول إسترااق السمع أثناء مكالماتها الهاتفية .. إضافة إلى ذلك كانت تبدو حزينة ونظراتها مليئة بالتساؤلات !! أما هي فحين تراها كان من المفروض أن تشك غيرها بها وليست هي…في الحقيقة أنها لم تكن تعرف تماما ما هي ؟ وكيف يتخلص منها بل ولم تكن تفهمه ! أو كيف تعبر عنه : ( شك ، قلق ، خوف ، تساؤلات .. أم ماذا ؟ ) فكيف تعرف ذلك فهي مبتلاة بمعادلة نفسية صعبة والتي قد ولدت منها أثناء عملها خلال سنتين في تلك المنظمة . وحين ارتبطت به لم يبق على إنفكاكها منه سوى شهر واحد .. والمفروض وحسب قانون المنظمة وتعليماتها، أن ينتهي عقد عملها ولكونهم يعملون بعقد يبلغ ستة أشهر… حتى أن تعيينها أيضا لم يكن كتعيين الآخرين . يومياً تتذكر وإلى الآن . كيف أن أناساآ آخرين من حملة البكالورويس والماجستير , والأطباء , لم يتم قبولهم ولم يقبلوا فيها !!
لكن لما رأى ( إدوارد ) ذو الجنسية الأمريكية ونائب المسؤول بالمنظمة : هذا الجمال الشرقي الفتان اللامتناهي ، لم يلق عليها عدداً من الأسئلة الشخصية دون أن يطلب منها أية شهادة أو بياناً .. ولقد تم قبولها بوثيقة تخرج أحد المعاهد . في الوقت الذي كان من المستحيل أن يتعين موظفاً بلا شهادة جامعية , بدورها أحست نفس الإحساس والشعور تجاه ذلك المسؤول الأوربي ؟! فبادلها نفس الشعور . وبدا الإحساس بفرحة لامبالية . فشرعت ترقص من الغبطة والفرح ولم تعد تستحي أو تخجل كما كانت .. فبدلا من تحية الصباح كانا يتبادلان القبل ..حيث كانت تقبل ذلك الشاب الأجنبي خلال ممرات البناية . إنها حقاً كانت قبلات من تلك الأحلام الممنوع التحدث عنها عند السرد . لذا لم تحس بتعب ساعات الليل ولم تشعر بالإرهاق, إذا ارتبطت بالمنظمة وبعملها المرهق إرتباطاً روحياً .. وهكذا كانت تحيي الغروب ، وكأي برنامج يوحي غدت صديقة للهاتف .
رغم حديثها بالإنكليزية وليست بالكردية إذ أن إتصالاتها بعد عودتها إلى البيت كانت أجنبية كان هذا مظهراً لقلق الأم . إذ كانت تعتقد بأن المخاطر قد أحاطتها من كل جانب . من المفروض أن يساعدها أحدهم . قائلة له عبر الهاتف:
( هاقد وصلت المنزل بسلام . وأنا بانتظار إتصالك الهاتفي ) …
في حين أنها لم تجد شيئا من هذا القبيل ليبرر لها ذلك التخوف وهذا القلق , وتصاب بالشك أن تحب أحدهم لتذكره يوميا وتقول : ((لقد وصلت بسلام ))…
وبعد تناول الطعام تدخل غرفتها . وبسرعة كانت تصل إلى جهاز الحاسوب. منذ ذلك الحين الذي عقدت علاقتها بذلك الفتى الأجنبي , وبتشجيع منه قد إشترت هذا الجهاز . وقد قررت أن تجعل من الـ(دسك) دفترا للمذكرات..لتسجيل عليه الكلمات والأعمال والحب ، وكل ما يتعلق بإحساسها لتحتفظ بها كأرشيف .. وكانت جل أوقاتها منشغلة بكتابة مذكراتها باللغة الإنكليزية . بعد طبع تلك السطور تغرق في بحر من الحزن وذلك لعدم تحقيق مستقبل آمن لها . وشدة خوفها من إنقطاع حبل المودة بينهما … لذا كثيراً ما كانت تبكي بحرارة . وتنام على أثره .. وهكذا كانت تخفف لذة الأيام بدموع الليل…
وقد غدت هذه العادة قضية شائكة ومعقدة بالنسبة للأم . إذ إن أحاسيسها الذهنية والنفسية غارقة مابين سعادة وتعاسة وحيدتها . كثيرا تسألها أسئلة مفعمة بالتوسل:
--- ( إبنتي .. إن العمل قد أشغلك كثيرا وأضناك . وبات يتعبك جداً ويبدو الإنهاك والتعب باديان على محياك .. من الأفضل أن تتركيه )..
--- ( ماالذى تبغين يا أماه .. إنه يعجبني أن أبقى في المنظمة طيلة الوقت وأحب أن أشغل نفسي هناك طول الليل كي لا أحسس بالفراغ الذي قد يسبب لي الكثير من المتاعب والتفكير )…
--- ( بم تفكرين ياابنتي ؟! )
هذه التساولات قد سببت لها نوعا من الخجل والندم عن عدم إظهار تلك الحقيقة . فأجابتها بشيء من التوتر والإنفعال والعصبية :
---( تظنين بم أفكر غير الهم والغم ونكد الدنيا ؟! )
هذا الإنفعال والإجابة بنوع من العصبية وقد كان سبباً لإنسحاب الأم وتغاضيها عن تساولاتها وباتت تظهر نفسها بأن همها الوحيد هو معرفة الأشياء العامة .. وفى الأعماق كانت تعيش الهم والحزن والتهافت على مكالماته التي أصبحت جزءاً من كيانها . هذه هي الأسباب التي غدت قضيتها الكبرى … ولكن … بما أنها قد أكملت دراستها الإبتدائية كانت تحاور همومها . وتكتب بنفس اللغة ودون أن تفهم منها شيئا .. ورغم تلك الجملة التي إستقرت في لاوعيها ، منذ الطفولة لم تكن تمحى من ذاكراتها أبداً ، علمت بأن القضية مفعمـة بقصة حب . وكانـت تلك هي جملة “I love you”
تلك الكلمة التي تستخدمها المراهقة عندنا دون تطبيقها مما كان سبباً لإنعاش قلبها . وإحيائه ، وكانت العلاقات مع الجنس الآخر محط للتساؤلات الخطرة ، لذلك كانت أحلامهن تطير بعيداً ربما إلى تلك الأماكن التي لا تسبب الأضرار بهن فالممثلون العالميون ذوى الشهرة العالمية قد باتوا فوارس أحلامهن .. إذ كن يضعن صورهم بين طيات كتبهن والتي كانت تعوضهن عن التكتم والفراغ كي لا يعرف أحدهم اللاوعيهن المخفي، لذا كانت الكلمة في اللغة الإنكليزية قبل قراءة الموضوع قد إستقرت في الوعي بخيط دقيق ، كان يكتب تحت الضفاف , وكانت هي أول كلمة أنيسة وحبيبة لهن ولنفوسهن . ولذلك لم تكن تنساها ولحد الكبر ولم تتضجر منها قط . لذا وباستمرار تقوم بتقليب وتحليل نفسية تلك التي قد أخرجت طير فكرها المرحل خارجاً . قد سخرت كل طاقتها وقابلتها لتفهم قضيتها ولتجد لها حلاً مناسباً دون أن يجرحها خاصة فيما رأتها قد تغيرت ، وأنها لم تكن هي البنت المعهودة كما كانت . فإنها قد تغيرت تماماً .وقررت أن تغمر والدتها بقبلاتها حال وصولها ، وبعدها وأثناء تناول الطعام شرعت بسرد كثير من الأحداث عليها وكثير من المشاهد اليومية , وهذا الذي جعلها في قلق وسبب لها المخاوف ….
الآن غدت تجيب حتى على استفساراتها وأسئلتها . كما أنها لم تعر لها أي اهتمام .. تصور إنها أكثر قلقاً و تضجراً من السابق . وتقترب من الحاسوب كعهدها كما كانت لتسجل عليه أي سطر كعادتها بل إنها غارقة في تفكير عميق بذاتها ، باتت نظرات الأم المليئة بالإستفهامات تعمق جرحها وتجددها أكثر فأكثر .. قالت الأم :( كي أقف على مشكلتها على أن أجد لها حلاً وأفهم بأن الحب والموت متعادلان . القلوب الكبيرة خالدات . والقلوب العامرة بالحب العظيم أيضاً . لذا على أن أختار الخلود . لهذا فقلب الأم خالد وعظيم . العظمة بحاجة إلى التسامح . الخلود بحاجة التضحية وأنا قادرة عليهما )..
كان هذا آخر قرارها . ولكن هي قد صارت في القطب الآخر للعالم :
--- ( نحبها لكونها محبوبة . فالحب هو الذي يخلق المعجزة . النفي والتقديس يمنحان الخلود. يبدو أنك تريدين منحك الخلود : ولكن كيف؟! أتريدين أن يفصل على قامتك الخلود ؟! في هذا السن
كانت أمي وفى هذا المجتمع . لا ليس هكذا أبدا. هكذا خروج عن أرضية الحب واللعب بالنار..! )
هؤلاء كانوا كثيرى الإشتياق لبعضهم البعض . والظاهر أنهم وقضاياهم ومشكلاتهم كانوا بعيدي الطريق..
أما هي فمن ذلك اليوم إزداد حزنها و توسعت همومها .. لم إنتشر إسم تلك المرأة التي عرفت بامرأة وكالات الأنباء والستالايت ومجموعة أشياء أخرى ؟!!
لم عرفت بهذا التشهير ؟ وبدلاً من تساؤلاتها الثابتة الأيام الماضية قالت لها :
--- ( ماذا ؟ كان هناك وظيفة لوالدتك وقد أصبحت وظيفتين ، ليكن .. فلستما كما كنتما في السابق . كثيرون ضيوفكم .وحتى السيارات تقف أمام بابكن بكثرة ) …
إنها عبرت عن جملتها تلك و أباحت عما في نفسها من غيرة عميقة جارحة ومغلقة لم تستطيع هي أن ترد عليها ولو بكلمة . وكان لسانها قد إنحبس وقفل ولم تتفوه ببنت شفة , عدا إجتنابها . فتركتها بصمت .. ومنذ ذلك اليوم تتعذب تتلوى من الألم .. بداية قد أنهكها التعب لدرجة لم تكن تعرف ماذا تعمل ؟! حتى في النهاية إضطرت الخروج بحجة الذهاب إلى العمل و لكن ؟ قد استأجر صالون التجميل ذاك الواقع قبالة بيتهم ، فتاة بعمرها ، والتي كانت زميلتها في المدرسة أيام زمان .. كانت صاحبة الصالون … فهناك قد اختبأت ، وبدأت تراقب البيت . وهكذا إتضح لها أنه بعد مغادرتها للمنزل بنصف ساعة ، وقفت سيارة أمام الباب أخذتها . حتى أحلام يقظتها قد امتلأت بالمآسي والصور القبيحة . كل الصفات الرذيلة وأسماء الفسق والفجور والفساد قد التصقت بسياج إحساسها . فاستمرت بدءاً بإحصائها ومقارنتها مع إسمها واسم أمها و أسرتها , وأثقلتها الهموم أكثر من ذي قبل و أحست بالإضطهاد الشنيع خاصة بعد أن وضح لديها بأنها نفس السيارة التاكسي التي قد أعادتها إلى البيت في الساعة الثانية عشر ظهراً وكذا المساء في الساعة الثالثة بعد الظهر . وبنفس الطريقة وفى نفس الموعد كانت تأتيها وتأخذها إلى تمام الساعة الخامسة ثم تعيدها .. أن هذا العمل الأخير لم يزد من شكوكها بقدر ما سبب لها الإضطهاد حتى العظم .. بعد جدال طويل . إلتجأت إلى الفتى الذي وقتاً ما كان زميلها في العمل قد عينوا يوماً ما معاً وخرجت مع هذا الأخير . بعد خروجها تابعوها . وباتوا يراقبونها من بعيد وفى النهاية وقفت التاكسي أمام بوابة إحدى العمارات الشامخة… أوقفوا السيارة وبدءوا يراقبونها بدقة فائقة نزل السائق وفتح لها الباب .
فنزلت هي وملؤها الغنج والدلال والتبختر , كأنها منذ مدة غير يسيرة تنتظر دلالاً من قبل رجل ما . نزلت . وضعت شالها الأسود على كتفيها ونشرت . ومن تحت (فستو) شالها بدا ذراعها البض تحفة محدثة زخرفة جذابة ذات لونين . بخطوات وئيدة إجتازت بوابة العمارة . ومن هناك كنت تدخل مجازاً صغيرا مظلماً وصعدت . وتلك السلالم كانت تمر وهى ترتقى رغم ضيقها وظلامها وكثرة إنعطافاتها . تذكرها بأنفاق الأفلام المرعبة ..ومنظر الغرفة المظلمة تمنح الخوف وعدم الإطئمنان في النفس ..
تلك:
إرتقت السلالم أكثر دلالاً من السابق . وصوت وقع حذائها ذو الكعب العالي المبرمغة , تعمر ظلمة المجاز بالحركة محدثة وراءها صدى بعيداً آتياً من الدهليز ، خطواتها تاركة السلالم بهدوء .. وبخفة وبلا أحداث ضجة ، بصمت وهدوء يتبعونها مجرجرين أنفسهم ..
أول مرة وبهذا الشكل . آخذت تدقق النظر في جسد بض ممتلىء . ملىء بالحسن والجمال والتناسق وقسمات وجهها المنسق الذي بدا الحزن عليه فزاده إشراقا .. حقاً بدا مظهرها كسمكة حمراء غضة هابطة من شلال مائي ، تتصبب منها القطرات الفضية ذلك الجسد المنهك قد قطع ثلاثة طوابق . وفى الطابق الرابع دخلت بداية غرفة صغيرة . وأغلقت الباب على نفسها , كان دفتر صغير موضوعاً على يمين الغرفة فتحته . وكتبت إسمها ووقعت عليه ..
هذه:
ومن خلال ثقب مفتاح الباب شرعت تراقبها . أما تلك فبعد التوقيع والإمضاء عليه تمددت على السرير الملقى على يسار الغرفة . وفتحت أزرار قميصها حتى الأسفل بتوتر وإنفعل صدرها الممتلئ الناهد قد إنتصب من الشهوة داخل المشد الأحمر كان يشبه مصباحاً أحمر مضيئاً في غرفة مظلمة .
هذه :
تهيجت كلياً ، وهى تنتظر ظل رجل ، لأنها لم تقدر من تلك الفتحة الصغيرة أن تعاين الأمور جيداً ولم تجد فرصة لرؤية ما يجري هناك !! وفى إحدى زوايا الغرفة يبدو وقد اختبئ .. ومن يدري ربما انه قد كان مختبئا هناك أمام عينها هي يحتضنها حضناً ماله من إنفكاك !!
لم تجرد عنها الخيال ، وهى منشغلة بربط حزام ظهرها الطبي الذي كانت تربطه بظهرها ليخفف عنها آلام الظهر وكان مفتوحاً، على الدوام ومنحلاً فانشغلت بشده . بعد ذاك تخللت شعرها بأطراف أصابعها . ومن ثم أخرجت من إحدى الأدراج دفتراً ذا مائة ورقة وكتب على غلافه باتجاه اليسار : الإنكليزية و من اليمين قد كتب عليه : الحاسوب (الكومبيوتر) ...بعدها إتجهت صوب تلك الغرفة التي تحتوى على سبورة سوداء كتب عليها باللون الوردي :
( التوجيهات: مركز( .... ) لتعلم الحاسوب وجميع اللغات الأجنبية ....